مرحباً بكم في عصر التغذية والصحة الشخصية

أصبح مفهوم "الصحة الشخصية" في وقتنا الحاضر من أكثر المفاهيم رواجاً وانتشاراً. لم يعد الأمر يقتصر على اتباع تعليمات عامة أو نصائح تقليدية، بل بات التركيز منصبًّا على معرفة ما يناسب كل فرد بناءً على طبيعته الجسدية وظروفه الصحية ونمط حياته.

بقلم: د. محمد الغزي | خبير التغذية المستدامة

4/25/20251 min read

      نحن اليوم نعيش في عالم تملؤه الأجهزة الذكية التي تراقب نومنا، وتقيس معدل حرق الدهون، وتكشف مستوى التوتر، وتوجّهنا نحو كيفية ممارسة الرياضة بالشكل الأمثل.
لكن السؤال الأهم الذي يطرحه أغلب مراجعيَّ هو:
"ما هو النظام المناسب لجسمي أنا؟"

وهنا يأتي دور التغذية الشخصية.

من التركيز على التفاصيل... إلى رؤية الصورة الشاملة

لكي تكون التغذية الشخصية فعالة، لا يكفي التركيز على جانب واحد مثل النوم أو تحليل الجينات، بل يجب النظر إلى الصحة بشكل متكامل.
نعم، نحن جميعاً نحب معرفة تفاصيل أجسامنا، ولكن اتخاذ القرار بناءً على معلومة واحدة فقط قد يؤدي إلى نتائج محدودة أو حتى خاطئة.

أصبح من الواضح أن تخصيص النظام الغذائي بناءً على تحاليل الجسم والعوامل البيولوجية هو الطريقة الأهم لفهم ما يحتاجه كل شخص فعليًا، وتحقيق نتائج ملموسة ومستدامة.

أولاً: ما بعد تسميات الحميات… العودة لفهم الجسد

لم يعد الناس يرغبون في تجربة عشرات الحميات فقط لمعرفة أيها الأنسب. بل يشعر كثيرون بالإرهاق من كثرة المعلومات المتضاربة والنصائح المنتشرة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل.

رغم أن بعض الحميات كـ"الكيتو" أو "الباليو" ما زالت تحظى بشعبية واسعة، إلا أن كثيراً ممن يتبعونها يغفلون عن حقيقة أن استجابة الأجسام للطعام تختلف من شخص إلى آخر.
ما يناسب شخصاً، قد يضرّ آخر.

🔸 من واقع ممارستي السريرية:
كثير من المرضى يبدأون حمية الكيتو بحماس كبير، لكنهم يصطدمون بأعراض مزعجة بعد أيام قليلة؛ كالإرهاق، اضطرابات النوم، أو التغيرات المزاجية.
والسبب؟ أجسامهم كانت تعتمد سابقًا على الكربوهيدرات، والتحوّل المفاجئ إلى نظام منخفض الكربوهيدرات قد يسبب انخفاضًا في إنتاج السيروتونين، مما يؤثر على النوم والمزاج.

كما أن إقصاء مجموعات غذائية كاملة – كما في الكيتو أو النظام النباتي الصرف – قد يؤدي على المدى الطويل إلى نقص غذائي واضح ينعكس سلباً على الصحة العامة.

حتى الدراسات الحديثة بدأت تسلط الضوء على ظهور اضطرابات الأكل في المجتمعات العربية، بعد أن كانت محصورة سابقاً في المجتمعات الغربية.

👉 خلاصة القول: لا يهم اسم الحمية، بل المهم هو فهم طبيعة الجسم، واختيار الغذاء الذي يخدم الصحة لا يرهقها.

ثانياً: التكنولوجيا أداة قوية... لكنها لا تكفي وحدها

نحن نعيش في زمن تتيح فيه التكنولوجيا أدوات رائعة لتحليل الجسم: من فحص الجينات، إلى تحليل البكتيريا المعوية، إلى تتبع الأعراض اليومية.
لكن مع كل هذه البيانات، يظل التحدي الأكبر هو: هل نعرف كيف نستخدمها بالشكل الصحيح؟

في عيادتي، أستخدم العديد من المؤشرات مثل:

  •      - توازن بكتيريا الأمعاء

  •      - قدرة الجسم على إزالة السموم

  •      - تحليل مستوى الطاقة

  •      - حساسية الكافيين

  •      - معدل تخزين وحرق الدهون

  •      - قابلية الإصابة بالأمراض المزمنة

  •      - قدرة الجسم على التعامل مع التوتر (محور HPA)

           وبناءً على هذه المعلومات، إضافةً إلى أسلوب حياة المراجع وتاريخه الصحي والعائلي، أضع له خطة غذائية وسلوكية متكاملة، تراعي ذوقه، ظروفه، وجدوله اليومي.

🎯 الهدف ليس فقط تخصيص النظام الغذائي، بل وضع خطة عملية قابلة للاستمرار تعود بنتائج واضحة على المدى القريب والبعيد.

ثالثاً: بين البيانات والمعرفة الإنسانية… الحاجة إلى الطبيب المختص بالتغذية

بعد أن يحصل الإنسان على كل هذه البيانات حول جسده، يطرح السؤال الأهم: ما الخطوة التالية؟

صحيح أن البيانات والذكاء الاصطناعي يمنحاننا تصورًا دقيقًا عن الجسم، لكن لا يمكنهما لوحدهما إحداث التغيير السلوكي المطلوب.

معظم الأطباء غير مختصين بإحداث التغيير العملي في نمط الحياة، بل يقدّمون توصيات عامة حول التغذية أو إدارة التوتر، دون خطة واضحة تساعد الشخص على البدء بالتنفيذ.

👨‍⚕️ هنا يبرز دور طبيب التغذية كعنصر محوري في التغيير.

الطبيب المتخصص في التغذية لا يقدّم حمية جاهزة فحسب، بل:

  •      - يحلل نمط الحياة الخاص بكل شخص

  •      - يتفهم الظروف العائلية والاجتماعية

  •      - يساعد في إدارة الإرهاق والنوم

  •      - يرشد إلى سلوكيات صحية عملية

  •      - ويضع خطة غذائية متدرجة قابلة للتطبيق والاستمرار

🔸 إحدى المراجِعات تقول:"ساعدني الطبيب في فهم أسباب رغبتي الشديدة في بعض الأطعمة، وعلّمني كيف أتعامل معها بشكل صحي. حتى حين كانت وجباتي مختلفة عما أعدّه لعائلتي، قدم لي حلولاً ذكية ومنطقية تناسب وقتي وحياتي الاجتماعية."

وختاما

في هذا الزمن الذي تزداد فيه العزلة والتوتر، يصبح الدمج بين التحليل العلمي الدقيق والفهم الإنساني العميق ضرورة لا رفاهية.
فالصحة الحقيقية لا تأتي من نظام غذائي فقط، بل من رؤية متكاملة تُراعي كل جوانب حياة الإنسان.

هل ترغب بتصميم نظام غذائي يناسب طبيعة جسمك ويمنحك صحة أفضل على المدى الطويل؟
احجز استشارتك الأولى الآن، ودعنا نبدأ سويًا رحلتك نحو حياة صحية أفضل.