هل يعدّ فقدان الوزن بنسبةٍ معيّنة هو الهدف الأنسب في معالجة السمنة؟
4/12/20251 min read


تشير أبحاث ستُعرض قريبًا في المؤتمر الأوروبي للسمنة إلى ضرورة إعادة توجيه أهداف برامج إدارة السمنة بعيدًا عن التركيز على نسبة فقدان الوزن فحسب، لتشمل مؤشرات ترتكز على المريض نفسه، كتحسين جودة الحياة وتعزيز الوظائف والقدرات.وفي حديثه مع "ميدسكايب ميديكال نيوز"، أوضح الدكتور سانجيف سوكالينغام، من منظمة "أوبيسيتي كندا" ومركز الإدمان والصحة العقلية في تورونتو بكندا:
"فوجئنا بأن الهدف العلاجي المتمثّل في خسارة 5% من إجمالي الوزن ـ والذي يعتمد عليه كثيرون لاعتباره علامة على فقدانٍ مهم سريريًا ـ قد استند أساسًا إلى عددٍ محدود من الدراسات الكبيرة."
وأضاف:
"ينبغي ألّا نعتمد حصريًا على نسبة فقدان الوزن كهدفٍ أوحد في أبحاث علاج السمنة، على الرغم من سهولة قياس هذه النسبة، بل يتعيّن علينا التركيز على مقاييسٍ أشمل في المجال الصحي. إنّ إشراك المرضى ومقدّمي الرعاية الصحية ضروري لوضع أهداف علاجية متكاملة ومبنيّة على الأدلّة، بحيث يمكن دمجها فعليًا في التطبيقات السريرية."
نمط الحياة والأداء الوظيفي وجودة الحياة
أجرى باحثون مراجعة للأدبيات المتاحة حتى 29 يوليو 2024، معتمدين في اختيارهم على دراسات خضعت لمراجعة الأقران وشملت أشخاصًا بالغين (18 عامًا فما فوق) مصابين بالسمنة. وقد ركزت هذه الدراسات على خفض الوزن كـنسبةٍ من إجمالي وزن الجسم. وكان الهدف من هذه المراجعة تجميع الأدلة المتعلقة بالأهداف المستندة إلى النسبة المئوية للوزن في برامج معالجة السمنة، ودراسة مدى ارتباطها بالمخرجات الصحية.وفي هذا الصدد، قال الدكتور سانجيف سوكالينغام من منظمة "أوبيسيتي كندا" ومركز الإدمان والصحة العقلية في تورونتو بكندا:
"نعكف حاليًا على مشروعٍ دوليٍّ مشترك لإعادة صياغة الأهداف العلاجية المتمركزة حول المريض لمن يعيشون مع السمنة، بما يتجاوز الأهداف التقليدية المعتمدة على فقدان الوزن."
وأضاف:
"تعد هذه المراجعة الاستكشافية بمثابة الخطوة الأولى في هذا المسار."
نتائج المراجعة
أسفرت عملية البحث عن 30 دراسة، معظمها تجارب عشوائية محكمة ودراسات شبه تجريبية، نُشرت بين عامي 1992 و2024. واستهدفت غالبية الأبحاث خفض الوزن بنسبٍ تتراوح بين 3% و10%، مع وجود عددٍ قليلٍ من الدراسات التي هدفت إلى نسبٍ أعلى. وقد رصد الباحثون وجود "فجوة لافتة" بين نسبة الخسارة المستهدفة وتلك التي تحققت فعليًا، ما يشير إلى عجزٍ متكرر عن بلوغ الأهداف المرسومة.وبالإضافة إلى ذلك، اتسمت هذه الدراسات بتباينٍ واضح. إذ لم يذكر ثلثها النتائج النهائية لمؤشر كتلة الجسم أو مقدار التغيير في الوزن بعد انتهاء فترة الدراسة. كما تنوّعت الأسباب الكامنة وراء تحديد نسبٍ معينةٍ لخسارة الوزن، فتارةً كانت ترتبط بمؤشرات مرضية محددة، وتارةً أخرى بتحسين جودة الحياة. يُذكر أن قلةً من هذه الأبحاث خُصصت لدراسة الفوارق الصحية بما يتجاوز مؤشر فقدان الوزن.وساعدت هذه المراجعة الاستكشافية مؤلفيها على تقصّي أصل الهدف الشائع المتمثل في خسارة 5% من وزن الجسم؛ ليكتشفوا أن هذا الرقم استُنبط من عددٍ محدودٍ من الدراسات القوية ماليًا وبشريًا، والتي ربطت النسبة 5% بفوائد صحيّة ملموسة.ولم يدرس المراجعون ـ على نحوٍ كميّ ـ مدى شيوع وصول الأفراد إلى نسبة الـ5% في خسارة الوزن. غير أنهم لاحظوا أنه في بعض الدراسات لم يتمكن سوى ثلث المشاركين من تحقيق خسارة تتجاوز 10% من إجمالي وزنهم. وإلى جانب ذلك، فقد تناولت أغلب هذه الأبحاث أفرادًا لم يقتصر وضعهم على السمنة فحسب، بل شمل أمراضًا مصاحبة متنوعة. وعلى الرغم من ذلك، رصد الباحثون تحسّنًا ملحوظًا في المؤشرات الصحية العامة بفعل التدخلات الغذائية والرياضية وأنماط الحياة الصحية، بصرف النظر عن مستوى انخفاض الوزن الفعلي.من ثم خلص فريق المراجعة إلى أنّ:
"برامج إدارة السمنة قد تصبح أكثر فاعلية إذا أعادت توجيه تركيزها نحو معايير أكثر شمولًا تتمحور حول المريض، كتحسين المضاعفات الصحية المرتبطة بالسمنة، وتعزيز جودة الحياة، ودعم الأداء الجسدي والاجتماعي. فهذه الأساليب توفر مقاييس نجاح أكثر جدوى من مجرد التركيز على خفض الوزن."
خطوات المشروع الدولي المستقبلية
ويوضح سوكالينغام أن الخطوة المقبلة ضمن هذا التعاون العالمي ستتمثل في إنشاء إطارٍ عمل يحدد كيفية اختيار الأهداف العلاجية للسمنة، بما يراعي تفضيلات المرضى وأهدافهم، جنبًا إلى جنب مع الحقائق المتوافرة في الأدبيات العلمية.ويؤكد أن "تغيير هذه الأهداف العلاجية لا يتعارض مع التزامنا بالصرامة العلمية أو استخدام المقاييس الموضوعية". ولفت إلى أن العديد من أعضاء الفريق قد ساهموا من قبل في تطوير أدوات قياس النتائج لصالح "الاتحاد الدولي لمخرجات الرعاية الصحية"، الذي يتبنى مؤشرات موضوعية وأخرى تستند إلى تقارير المرضى أنفسهم، ويرى أنّ كليهما "لا غنى عنه" عند تقييم السمنة بصورةٍ شاملة ووضع أهدافٍ وخططٍ علاجية ملائمة."ليس مثاليًا، لكنه بسيط"
وفي تعليقٍ على هذه الدراسة لموقع "ميدسكيب ميديكال نيوز"، أشار جرّاح السمنة الدكتور مير علي، المدير الطبي لمركز "ميموريال كير" لجراحة إنقاص الوزن في مستشفى "أورانج كوست" بـكاليفورنيا، إلى موافقته في المجمل على هذه النتائج. وقال:
"تختلف استجابة كل شخص لفقدان الوزن، وبالتالي قد لا يكون من الواقعي فرض هدف محدد على الجميع. ومع ذلك، لا بد من طريقةٍ ما تُعيننا على متابعة تطور حالة المريض."
ويعترف بأن قياس مقدار فقدان الوزن "ليس الخيار الأمثل" لتقييم التقدم، لكنه يظل الأسهل تطبيقًا. وفي المقابل، "يصعب قياس التغير في الحالة الصحية، وغالبًا ما يحتاج إلى وقت طويل ليظهر بشكل جليّ."كما يؤكد الدكتور مير علي:
"هذه الدراسة لا تقدّم بدائل بسيطة وواقعية لقياس مدى التقدم الذي يحرزه المريض. ونحن بحاجة إلى أبحاثٍ مستقبلية تقارن طرائق قياس مختلفة، لمعرفة أفضل السبل لتحديد مدى نجاح العلاجات."
يُذكر أن هذا المشروع البحثي قد أدارته منظمة "أوبيسيتي كندا" وتلقى دعمًا ماليًا عبر منحٍ بحثية مستقلة من شركات "نوفو نورديسك" و"إيلي ليلي كندا" و"بوهرينجر إنجلهايم" و"أمجين".
التغذية المستدامة
نقدم خدمات متخصصة في التغذية الصحية المستدامة.
تواصل معنا
للمراسلة
+964 786 079 9458
© 2025. All rights reserved.